يُعَدّ الانحراف بالسلطة داخل المدارس والمؤسسات التعليمية من أخطر أشكال الخلل البنيوي التي تُهدِّد القيم الأخلاقية، والأمن النفسي والاجتماعي للطلاب. فعندما تتحوّل السلطة التعليمية إلى أداة للإخضاع أو الاستغلال، لا سيّما في حالات الاعتداء الجنسي، تتجاوز الأضرار حدود الفرد المتضرِّر لتطال المجتمع بأسره؛ إذ يُفترَض بالمؤسسات التعليمية أن تكون بيئة آمنة للنمو الفكري والتربوي. غير أنّ حالات الاعتداء الجنسي المرتكبة من قِبَل أشخاص يشغلون مواقع سلطة تُقوِّض هذا الأساس، وتُثير تساؤلات حادّة حول آليات الرقابة والمساءلة. تنطلق هذه الدراسة من هدف رئيس يتمثّل في تحليل العلاقة بين مظاهر انحراف السلطة في المدارس وزيادة احتمالية وقوع انتهاكات جنسية بحق الطلاب، من خلال تحليل مضمون ظاهرة الاعتداء الجنسي داخل المدارس كما وردت في الصحف التي تناولت الحادثة خلال الفترة من 30 أبريل إلى 30 مايو 2025، مع التركيز على ما نُشِر بشأن واقعة الاعتداء الجنسي على "ياسين"، تلميذ مدرسة الكرمة بمدينة دمنهور. وتسعى الدراسة إلى استعراض السياقات الاجتماعية والثقافية التي تُتيح وقوع هذه الانتهاكات، وموقف المجتمع منها، سواء بالصمت أو بالمقاومة. كما تهدف إلى فهم الديناميات الاجتماعية والنفسية التي تحكم العلاقة بين المعتدي والضحية، وتبحث في مدى فاعلية السياسات القانونية والمؤسسية في التصدي لهذه الانتهاكات وضمان تحقيق العدالة. توصلت الدراسة إلى عددٍ من النتائج، من أبرزها: وجود ضعفٍ واضح في البنية المؤسسية لحماية الأطفال داخل المدارس، ولا سيّما في ظل غياب وحدات أو لجان متخصصة للتعامل مع حالات الاعتداء الجنسي. كما كشفت النتائج عن نقصٍ كبير في تدريب الكوادر التعليمية على الإبلاغ والتوثيق والتعامل مع هذه الحالات، مما يؤدي إلى استجابات غير فعّالة، ويسهم في تكرار مظاهر الإهمال المؤسسي. وتبيّن أن السياسات الوقائية غير مفعّلة في معظم المدارس، إذ لا توجد لوائح واضحة للتعامل مع حالات الاشتباه في الاعتداءات، كما تفتقر المناهج الدراسية إلى محتوى توعوي متخصص يهدف إلى حماية الأطفال وتعزيز وعيهم. وتُعَدّ حادثة الطفل "ياسين" مثالًا صارخًا على هذه الثغرات، مما يؤكّد الحاجة الملحّة إلى مراجعة شاملة لسياسات الحماية، وتطوير برامج توعية متكاملة داخل البيئة التعليمية. وأوصتالدراسة بضرورة اتخاذ مجموعة من الإجراءات لحماية الأطفال من العنف الجنسي في المؤسسات التعليمية، وتشمل هذه الإجراءات: توفير بيئة آمنة للتعبير، وتفعيل دور الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، وتدريب الكوادر التربوية على رصد حالات الإساءة، وإدماج التثقيف الجنسي في المناهج التعليمية، وتأهيل المعلمين والإداريين، وتنظيم حملات توعية، وإجراء تحقيقات تراعي خصوصية الطفل وكرامته. كما أوصت الدراسة بتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية، ومراجعة السياسات الإعلامية بما يضمن حماية خصوصية الأطفال، وإنشاء وحدات متخصصة داخل المدارس لرصد حالات العنف، فضلًا عن سنّ قوانين أكثر صرامة لمحاسبة الجناة والمُتستّرين عليهم.
حلمى شحاته, شيماء. (2025). الانحراف بالسلطة والرفض المجتمعي: تحليل مضمون قضية الاعتداء الجنسي داخل المدارس. مجلة کلية الآداب (الزقازيق), 50(113), -. doi: 10.21608/artzag.2025.432411
MLA
شيماء حلمى شحاته. "الانحراف بالسلطة والرفض المجتمعي: تحليل مضمون قضية الاعتداء الجنسي داخل المدارس", مجلة کلية الآداب (الزقازيق), 50, 113, 2025, -. doi: 10.21608/artzag.2025.432411
HARVARD
حلمى شحاته, شيماء. (2025). 'الانحراف بالسلطة والرفض المجتمعي: تحليل مضمون قضية الاعتداء الجنسي داخل المدارس', مجلة کلية الآداب (الزقازيق), 50(113), pp. -. doi: 10.21608/artzag.2025.432411
VANCOUVER
حلمى شحاته, شيماء. الانحراف بالسلطة والرفض المجتمعي: تحليل مضمون قضية الاعتداء الجنسي داخل المدارس. مجلة کلية الآداب (الزقازيق), 2025; 50(113): -. doi: 10.21608/artzag.2025.432411