الغزو المغولى للدولة الخوارزمية بين المصادر الإسلامية والصينية

نوع المستند : أبحاث أکادیمیة

المؤلف

مدرس مساعد بقسم الدراسات الإسلامية شعبة اللغة الصينية بكلية اللغات والترجمة

المستخلص

بزغ نجم جنكيزخان سياسيا وعسكريا في أواخر القرن الثاني عشر، وعمل على الغزو والتوسع بعد توحيد قبائل المغول، وعد من أبرز القيادات السياسية التي لعبت دورا كبيرا في التاريخ الآسيوي، فقد لكان لغزواته العسكرية دورا كبيرا بعد إعادة رسم الخارطة السياسية في حدوث هجرات تاريخية كبيرة من وإلى الشرق، فبينما رصدنا أعدادا كبيرة من المغول ينتقلون نحو الشرق، نجد أيضا أعداد كبيرة عدت بمئات الآلاف من مسلمي وسط آسيا يهاجرون إلى الصين. فقد ضم إليه أعدادا كبيرة من أسراه في المعارك، وكان من بينهم من كانت له إسهامات عظيمة فحظي بإحسان وإنعام من خانات المغول. وقد كانت لآثار المسلمين المنضوين تحت لواءه منذ زمن بعيد عظيم الأثر في تلك الحروب والفتوحات، وقد أفادت المصادر الصينية المختلفة سير العديد منهم، فقد عين الكثير منهم كمسؤولين في مناطق كثيرة، وأسهم الكثير منهم في التاريخ الصيني. وأشهرهم "札八儿火者" جبر خوجة (أي جعفر) و"牙老瓦赤" محمود يلواج الذي جاء كذلك في العديد من المصادر العربية والفارسية، وغيرهم الكثير من كانت له بصمات واضحة على تلك الحروب والغزوات. ومنهم من قضى نحبه في تلك الغزوات تحت ظل راية المغول، فكانت مكافأة المغول له أن اعتنوا بأبنائه وأغدقوا عليهم، بل وكانوا خلفائهم في مناصبهم وأبرزهم ابن حسن حاجي الذي اغتال أباه اهالي مدينة صغناق أو سغناق بالقرب من جند، فولوه على المدينة بعد الاستيلاء عليها كما جاء في تاريخ فاتح العالم للجويني. وكان الدور البارز للمسلمين في واقعة نهر بالجونة الاثر الكبير في المصادر الصينية في أدوارهم في الحملات العسكرية للمغول، فقد كان عدد من ثبت مع جنكيزخان في واقعة الهزيمة من وانج خان أو أونك خان تسعة عشر، ثلاثة منهم من التجار المسلمين وقد مدحهم جنكيزخان حينها كما جاء في العديد من المصادر أشهرهم التاريخ السري للمغول "蒙古秘史".
وكانت من أهم المصادر الصينية التي تحدثت عن المسلمين المنضوين تحت لواء جنكيزخان منذ بزوغ نجمه بل وحتى قبل توحيده المغول كتاب تاريخ أسرة يوان "元史" الذي ألف في عهد أسرة مينغ، وكافة الكتب والسجلات التي ألفت في عهد المغول عرجت بالذكر على العديد من الحكام المسلمين لأن بصماتهم كانت جلية في تلك الحقبة الفريدة من تاريخ الصين العريق. بل وكانت تلك الحقبة إيذانا ببدء عهد جديد للمسلمين في الصين، فقد تحولوا من أجانب غرباء "藩客"(فان كه) لا يختلطون بهم إلا على نطاق ضيق يحدده الحكام في كل عصر وحين إلى مواطنين صينين. وبالرغم من أن هؤلاء المواطنين استغرقوا وقتا ليس بالقصير في عهد المغول للاندماج في المجتمع واكتساب الشخصية الصينية "诸色目回回人"، إلا أنهم اجتازوا عصورا طويلة من الاغتراب الإسلامي داخل ذلك البلد. حيث كانوا يعدونهم هناك مجرد تجار أجانب يجب معاملتهم بشكل لائق للحفاظ على التجار ة الأجنبية فحسب دون اختلاط أو اندماج، فكان ذلك العصر مقدمة لما بعده من أدوار كبيرة للمسملين في تاريخ الصين.
 
 

الموضوعات الرئيسية